تمر
السنون وتتعاقب الأيام فبعد ان كنا نسمع بحوادث المرور مرة في الزمن ونقول
في عام كذا وكذا , اذ كان الحادث في مكان ما علامة على امر ما في زمن ما
يشار به الى امر حصل في غابر زمن ما..
اما
اليوم فقد اصبحت حوادث المرور سيناريوهات متكررة تتالى مشاهدها على طرقات
الولاية وكأن الأمر اصبح عاديا رغم تباين اسبابها واختلاف آثارها وتركاتها
الأليمة التي تخلفها وسط العائلات والأفراد..مالذي يحصل اذن؟!!
اهي اللامبالاة ..ام هو " التبوجيد " ام ان طرقاتنا مملوكة بالمعنى العامي ...ام ..ام ماذا ؟!!
اعرف
ان لكل قارئ وجهة نظر في اسباب حوادث المرور , لكن القاسم المشترك بينها
انها مأساة حقيقية نصنعها بأنفسنا بنوع من اللامبالاة ..
كنت
ارافق احد اصدقائي احد الأيام عبر سيارته في مشوار يأخذنا نحو عاصمة
الولاية الجلفة واذ نتجاذب اطراف الحديث فإذا بحافلة من الحجم الكبير تخرج
عن يسارنا رغم ضيق الطريق ومطباتها , قلت تخرج عن يسارنا مدوية غير مبال
سائقها بما سيحدث فجأة !!..واذا بسيارة نفعية تخرج في الجهة المقابلة له
مسرعة ولولا قدر الله لكانت الكارثة لأن سائق شاحنة النقل ذات الوزن الثقيل
التي كانت امامنا تنحى جانبا وكاد ينحرف عندما كانت الحافلة مع الشاحنة
على خط واحد ...
مرافقي
الذي كنت معه قال كلمة اضحكتني بادئ الأمر عندما قال من هول المشهد مخاطبا
صاحب حافلة نقل المسافرين تلك " وشراك هاز معاك ياخويا ؟ راك هاز عباد
معاك ماكش هاز بروات " - بروات - بمعنى رسائل طبعا..
ان
تحليل جملة كهاته وان كانت تحمل معنى النكتة والسخرية الا انها وظفت في
مكانها الصحيح , فلو ان هذا الشخص كان فعلا يعتقد انه مسؤولا عن حياة
العشرات في حافلته لما كان غامر تلك المغامرة ولكنه كان يعتقد ان براعته قد
تنقذه من مواقف مثل هاته وان حافلته فيها من الامكانيات ما يجنبه وقوع
المأساة ...
كل هذا كان خطأ كبيرا..
مشاهد اصبحنا نراها كل يوم ببرودة اعصاب , اين الضمير والمسؤولية امام انفسنا اولا ..
قد
يختلس اي" شيفور" لحظة من قانون المرور ويقول لم يرني رجال القانون او ان
الطريق فارغ او ان الرادار لايوجد , لكن رادار الظمير قد يبقى في تأنيبه
طوال حياتنا عندما نكون سببا في مأساة أحد ..
"
الحاج دحمان وش قاصبو" مقولة نسمعها كل ساعة وكل يوم بل كل لحظة اذا
استقرأناها نجد النفس تستكين اليها عندما نعتقد جزما ان لكل اجل كتاب وان
السرعة مادات ماجابت بل انها اخذت اناسا نعرفهم وآخرين لم نعرفهم اخذتهم
حيث اللارجعة الى هذه الحياة...
فلنكن
مسؤولين حق المسؤولية عن افعالنا المصيرية لأن القيادة مسؤولية قبل ان
تكون " برمي " وان السيارة او المركبة نعمة من الله قبل ان تتحول الى نقمة ,
وان الروح من امر ربي اذا ذهبت لن تعود ..
هكذا
هي الحياة ايها القراء احساس بالمسؤولية اتجاه انفسنا واتجاه الآخرين لنا
فيها جزءا من التحكم بمصائرنا اذا حكمنا العقل وارجحنا الظمير في سائر
اعمالنا ...
عيسى خبيزي
مجلة حوش النعاس
مجلة حوش النعاس